بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ. لَقَدْجَآءَكُمْ رَسُوْلٌ مِنْ
أَنْفُسِكُمْ عَزِيْزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيْصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِيْنَ
رَؤُفٌ رَّحِيْمٌ. إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهَ يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ، يَآ
أَيُّهَا الَّذِيْنَ أَمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا.
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيْمِ
اَلْحَمْدُ ِللهِ الْقَوِيِّ الْغَالِبْ. اَلْوَلِيِّ الطَّالِبِ.
اَلبَّاعِثِ الْوَارِثِ الْمَانِحِ السَّالِبِ. عَالِمِ الْكَائِنِ وَالْبَائِنِ
وَالزَّائِلِ وَالذَّاهِبِ. يُسَبِّحُهُ اْلأفِلُ وَالْمَائِلُ وَالطَّالِعُ
وَالْغَارِبُ. وَيُوَحِّدُهُ النَّاطِقُ وَالصَّامِتُ وَالْجَامِدُ وَالذَّائِبُ.
يَضْرِبُ بِعَدْلِهِ السَّاكِنُ وَيَسْكُنُ بِفَضْلِهِ الضَّارِبُ. (لاَ إِلهَ
إِلاَّ اللهُ). حَكِيْمٌ أَظْهَرَ بَدِيْعَ حِكَمِهِ وَالْعَجَائِبْ. فِيْ
تَرْتِيْبِ تَرْكِيْبِ هَذِهِ الْقَوَالِبِ. خَلَقَ مُخًّا وَعَظْمًا وَعَضُدًا
وَعُرُوْقًا وَلَحْمًا وَجِلْدًا وَشَعْرًا بِنَظْمٍ مُؤْتَلِفٍ مُتَرَاكِبْ، مِنْ
مَاءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصًُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ. (لاَ إِلهَ إِلاَّ
اللهُ). كَرِيْمٌ بَسَطَ لِخَلْقِهِ بِسَاطَ كَرَمِهِ وَالْمَوَاهِبْ. يَنْزِلُ
فِيْ كُلِّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا وَيُنَادِيْ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ
هَلْ مِنْ تَائِبْ، هَلْ مِنْ طَالِبِ حَاجَةٍ فَأُنِيْلُهُ الْمَطَالِبَ. فَلَوْ
رَأَيْتَ الْخُدَّامَ قِيَامًا عَلَى اْلأَقْدَامِ وَقَدْ جَادُوْا بِالدُّمُوْعِ
السَّوَاكِبْ. وَالْقَوْمَ بَيْنَ نَادِمٍ وَتَائِبْ. وَخَائِفٍ لِنَفْسِهِ يُعَاتِبْ.
وَأبِقٍ مِنَ الذُّنُوْبِِ إِلَيْهِ هَارِبْ. فَلاَ يَزَالُوْنَ فِي اْلإِسْتِغْفَارِ
حَتَّى يَكُفَّ كَفُّ النَّهَارِ ذُيُوْلَ الْغَيَاهِبِ. فَيَعُوْدُوْنَ وَقَدْ فَازُوْا
بِالْمَطْلُوْبِ وَأَدْرَكُوْا رِضَا الْمَحْبُوْبِ وَلَمْ يَعُدْ أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ
وَهُوَ خَائِبْ. (لاَ إِلهَ إِلاَّ ألله). فَسُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مِنْ مَلِكٍ أَوْجَدَ
نُوْرَ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ نُوْرِهِ قَبْلَ
أَنْ يَخْلُقَ أدَمَ مِنَ الطَّيْنِ اللاَّزِبِ. وَعَرَضَ فَخْرَهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ
وَقَالَ هَذَا سَيِّدُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَجَلُّ الْأَصْفِيَاءِ وَأَكْرَمُ الْحَبَآئِبِ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
قِيْلَ هُوَ أَدَمُ، قَالَ أَدَمُ بِهِ أُنِيْلُهُ أَعْلَى الْمَرَاتِبِ.
قِيْلَ هُوَ نُوْحٌ، قَالَ نُوْحٌ بِهِ يَنْجُوْ مِنَ الْغَرَقِ وَيَهْلِكُ مَنْ خَالَفَهُ
مِنَ الْأَهْلِ وَالْأَقَارِبِ. قِيْلَ هُوَ إِبْرَِاهِيْمُ، قَالَ إِبْرَاهِيْمُ
بِهِ تَقُوْمُ حُجَّتُهُ عَلَى عُبَّادِ اْلأَصْنَامِ وَالْكَوَاكِبِ. قِيْلَ هُوَ
مُوْسَى، قَالَ مُوْسَى أَخُوْهُ وَلَكِنْ هَذَا حَبِيْبٌ وَمُوْسَى كَلِيْمٌ وَمُخَاطِبٌ.
قِيْلَ هُوَ عِيْسَى، قَالَ عِيْسَى يُبَشِّرُ بِهِ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْ نُبُوَّتِهِ
كَالْحَاجِبْ. قِيْلَ فَمَنْ هَذَا الْحَبِيْبُ الْكَرِيْمُ الَّذِيْ اَلْبَسْتَهُ
حُلَّةَ الْوَقَارِ، وَتَوَّجْتَهُ بِتِيْجَانِ الْمَهَابَةِ وَالْإِفْتِخًَارِ، وَنَشَرْتَ
عَلَى رَأْسِهِ الْعَصَائِبْ. قَالَ هُوَ نَبِيُّ نِاسْتَخْرَجْتُهُ مِنْ
لُؤَيِّ ابْنِ غَالِبْ. يَمُوْتُ أَبُوْهُ وَأُمُّهُ وَيْكْفُلُهُ جَدُّهُ ثُمَّ عَمُّهُ
الشَّقِيْقُ أَبُوْ طَالِبْ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
يُبْعَثُ مِنْ تِهَامَةَ بَيْنَ يَدَيِ الْقِيَامَةِ فِيْ ظَهْرِهِ عَلاَمَةً
تُظِلُّهُ الْغَمَامَةُ تُطِيْعُهُ السَّحَائِبٌُ. فَجْرِيُّ الْجَبِيْنُ لَيْلِيُّ
الذَّوَائِبْ. أَلِفِيُّ الْأَنْفِ مِيْمِيُّ الْفَمِ نُوْنِيُّ الْحَاجِبْ. سَمْعُهُ
يَسْمَعُ صَرِيْرَ الْقَلَمِ بَصَرُهُ إِلَى السَّبْعِ الطِّبَاقِ ثَاقِبْ. قَدَمَاهُ
قَبَّلَهُمَا الْبَعِيْرُ فَأَزَالاَ مَااشْتَكَاهُ مِنَ الْمِحَنِ وَالنَّوَائِبْ.
أمَنَ بِهِ الضَّبُّ وَسَلَّمَتْ عَلَيْهِ الْأَشْجَارُ وَخَاطَبَتْهُ الْأَحْجَارُ
وَحَنَّ إِلَيْهِ الْجِذْعُ حَنِيْنَ حَزِيْنَ نِادِبْ. يَدَاهُ يَظْهَرُ بَرَكَتُهُمَا
فِي الْمَطَاعِمِ وَالْمَشَارِبِ. قَلْبُهُ لاَ يَغْفُلُ وَلاَ يَنَامُ وَلَكِنْ لِلْخِدْمَةِ
عَلَى الدَّوَامِ مُرَاقِبْ. إِنْ أُوْذِيَ يَعْفُ وَلاَ يُعَاقِبْ. وَإِنْ خُوْصِمَ
يَصْمُتْ وَلاَ يُجَاوِبْ. أَرْفَعُهُ إِلَى أَشْرَفِ الْمَرَِاتِبِ. فِي رُكْبَةٍ
لاَ تَنْبَغِيْ قَبْلَهُ وَلاَ بَعْدَهُ لِرَاكِبْ. فِيْ مَوْكِبٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ
يَفُوْقُ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ. فَإِذَا ارْتَقَى عَلَى الْكَوْنَيْنِ وَانْفَصَلَ
عَلَى الْعَالَمِيْنَ وَوَصَلَ إِلَى قَابَ قَوْسَيْنِ، كُنْتُ لَهُ أَنَا النَّدِيْمُ
وَالْمُخَاطِبُ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
ثُمَّ أَرُدُّهُ مِنَ الْعَرْشِ قَبْلَ أَنْ يَبْرُدَ الْفَرْشُ، وَقَدْ
نَالَ جَمِيْعَ الْمَأَرِبْ. فَإِذَا شُرِّفَتْ تُرْبَةُ طَيْبَةً مِنْهُ بِأَشْرَفِ
قَالَبْ. سَعَتْ إِلَيْهِ أَرْوَاحُ الْمُحِبِّيْنَ عَلَى الْأَقْدَامِ وَالنَّجَائِبِ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَسُبْحَانَ مَنْ خَصَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَشْرَفِ
الْمَنَاصِبِ وَالْمَرَاتِبِ. أَحْمَدُهُ عَلَى مَا مَنَحَ مِنَ الْمَوَاهِبِ. وَأَشْهَدُ
أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيْكَ لَهُ رَبُّ الْمَشَارِقِ وَالْمَغَارِبْ.
وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ الْمَبْعُوْثُ إِلَى
سَائِرِ الْأَعَاجِمِ وَالْأَعَارِبِ. صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى أَلِهِ
وَأَصْحَابِهِ أُوْلِى الْمَأَثِرِ وَالْمَنَاقِبِ. صَلاَةً وَسَلاَمًا دَائِمَيْنَ
مُتَلاَزِمَيْنِ يَأْتِيْ قَائِلُهُمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ غَيْرَ خَائِبْ.
بسم الله الرحمن الرحيم
أَوَّلُ مَا نَسْتَفْتِحُ بِإِيْرَادِ حَدِيْثَيْنِ وَرَدَا عَنْ نَبِيٍّ
كَانَ قَدَرُهُ عَظِيْمًا، وَنَسَبُهُ كَرِيْمًا، وَصِرَاطُهُ مُسْتَقِيْمًا. قَالَ
فِيْ حَقِّهِ مَنْ لَمْ يَزَلْ سَمِيْعًا عَلِيْمًا. إِنَّ اللهَ وَمَلاَئِكَتَهَ
يُصَلُّوْنَ عَلَى النَّبِيِّ، يَآ أَيُّهَا الَّذِيْنَ أمَنُوْا صَلُّوْا عَلَيْهِ
وَسَلِّمُوْا تَسْلِيْمًا.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
(اَلْحَدِيْثُ الْأَوَّلُ) عَنْ بَحْرِ الْعِلْمِ الدَّافِقْ، وَلِسَانِ
الْقُرْأَنِ النَّاطِقِ، أَوْحَدِ عُلَمَاءِ النَّاسِ، سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ
سَيِّدِِنَا الْعَبَّاسِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ قُرَيْشًا كَانَتْ نُوْرًا بَيْنَ يَدَيِ
اللهِ عَزَّ وَجَلَّ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ أَدَمَ بِأَلْفَيْ عَامٍ، يُسَبِّحُ
اللهَ ذَلِكَ النُّوْرُ وَتُسَبِّحُ الْمَلاَئِكَةُ بِتَسْبِيْحِهِ. فَلَمَّا خَلَقَ
اللهُ أَدَمَ أَوْدَعَ ذَلِكَ النُّوْرَ فِيْ طِيْنَتِهِ. قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: فَأَهْبَطَنِيَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى الْأَرْضِ فِيْ ظَهْرِ أَدَمَ.
وَحَمَلَنِيْ فِي السَّفِيْنَةِ فِيْ صُلْبِ نُوْحٍ، وَجَعَلَنِيْ فِيْ صُلْبِ الْخَلِيْلِ
إِبْرَاهِيْمَ حِيْنَ قُذِفَ بِهِ فِي النَّارِ. وَلَمْ يَزَلِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
يُنَقِّلُنِيْ مِنَ الْأَصْلاَبِ الطَّاهِرَةِ إِلَى اْلأَرْحَامِ الزَّكِيَّةِ الْفَاخِرَةِ
حَتَّى أَخْرَجَنِيَ اللهُ مِنْ بَيْنَ أَبَوَيَّ وَهُمَا لَمْ يَلْتَقِيَا عَلَى
سِفَاحٍ قَطْ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
(اَلْحَدِيْثُ الثَّانِيُّ) عَنْ عَطَاءٍ بِنْ يَسَارٍ عَنٍْ كَعْبِ
الْأَحْبَارِ. قَالَ: عَلَّمَنِيْ أَبِيْ التَّوْرةَ إِلاَّ سِفْرًا وَاحِدًا كَانَ
يَخْتِمُهُ وَيُدْخِلُهُ الصُّنْدُوْقَ. فَلَمَّا مَاتَ أَبِيْ، فَتَحْتُهُ فَإِذًا
فِيْهِ نَبِيٌّ يَخْرُجُ أَخِرَ الزَّمَانِ، مَوْلِدُهُ بِمَكَّةَ، وَهِجْرَتُهُ بِالْمَدِيْنَةِ،
وَسُلْطَانُهُ بِالشَّامِ. يَقُصُّ شَعْرُهُ وَيَتَّزِرُ عَلَى وَسَطِهِ، يَكُوْنُ خَيْرَ اْلأَنْبِيَاءِ، وَأُمَّتُهُ خَيْرَ
الْأُمَمِ، يُكَّبِرُوْنَ اللهَ تَعَالَى عَلَى كُلِّ شَرَفٍ، يَصُفُّوْنَ فِي الصَّلاَةِ
كَصُفُوْفِهِمْ فِي الْقِتَالِ، قُلُوْبُهُمْ مَصَاحِفُهُمْ، يَحْمَدُوْنَ اللهَ تَعَالَى
عَلَى كُلِّ شِدَّةٍ وَرَخَاءٍ. ثُلُثٌ يَدْخُلُوْنَ الْجَنَّةَ بِغَيْرِ حِسَابٍ،
وَثُلُثٌ يَأْتُوْنَ بِذُنُوْبِهِمْ وَخَطَايَاهُمْ فَيُغْفَرُلَهُمْ، وَثُلُثٌ يَأْتُوْنَ
بِذُنُوْبٍ وَخَطَايَا عِظَامٍ. فَيَقُوْلُ اللهُ تَعَالَى لِلْمَلاَئِكَةِ إِذْهَبُوْا
وَزِنُوْهُمْ فَيَقُوْلُوْنَ يَارَبَّنَا وَجَدْنَاهُمْ اَسْرَفُوْا عَلَى اَنْفُسِهِمْ
وَوَجَدْنَا أَعْمَالَهُمْ مِنَ الذُّنُوْبِ كَأَمْثَالِ الْجِبَالِ غَيْرَ أَنَّهُمْ
يَشْهَدُوْنَ أَنْ لاَ إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُوْلُ الله صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَيَقُوْلُ الْحَقُّ وَعِزَّتِيْ وَجَلاَلِيْ لاَجَعَلْتُ مَنْ أَخْلَصَ
لِيْ بِالشَّهَادَةِ كَمَنْ كَذَّبَ بِيْ، اَدْخِلُوْهُمُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِيْ.
يَا أَعَزَّ جَوَاهِرِ الْعُقُوْدِ. وَخُلاَصَةَ إِكْسِيْرِ سِرِّ الْوُجُوْدِ. مَادِحُكَ
قَاصِرٌ وَلَوْ جَاءَ بِبَذْلِ الْمَجْهُوْدِ. وَوَاصِفُكَ عَاجِزٌ عَنْ حَصْرِ مَا
حَوَيْتَ مِنْ خِصَالِ الْكَرَمِ وَالْجُوْدِ. اَلْكَوْنُ إِشَارَةٌ وَأَنْتَ الْمَقْصُوْدُ.
يَا أَشْرَفَ مَنْ نَالَ الْمَقَامَ الْمَحْمُوْدَ. وَجَاءَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ
لَكِنَّهُمِ بِالرِّفْعَةِ وَالْعُلاَ لَكَ شُهُوْدٌ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
أَحْضِرُوْا قُلُوْبَكُمْ يَا مَعْشَرَ ذَوِي الْأَلْبَابِ، حَتَّى
أَجْلُوَلَكُمْ عَرَائِسَ مَعَانِي أَجَلِّ الْأَحْبَابِ، اَلْمَخْصُوْصِ بِأَشْرَفِ
الْأَلْقَابِ، اَلرَّاقِيْ إِلَى حَضْرَةِ الْمَلَكِ الْوَهَّابِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى
جَمَالِهِ بِلاَ سِتْرٍ وَلاَ حِجَابٍ. فَلَمَّا أَنَ أَوَانُ ظُهُوْرِ شَمْسِ الرِّسَالَةِ
فِيْ سَمَاءِ الْجَلاَلَةِ. خَرَجَ بِهِ مَرْسُوْمُ الْجَلِيْلِ، لِنَقِيْبِ الْمَمْلَكَةِ
جِبْرِيْل. يَا جِبْرِيْلُ نَادِ فِيْ سَائِرِ الْمَخْلُوْقَاتِ مِنْ أَهْلِ الْأَرْضِ
وَالسَّمَوَاتِ بِالتَّهَانِيْ وَالْبِشَارَاتِ. فَإِنَّ النُّوْرَ الْمَصُوْنَ، وَالسِّرَّ
الْمَكْنُوْنَ، اَلَّذِيْ أَوْجَدْتُهُ قَبْلَ وُجُوْدِ اْلأَشْيَاءِ، وَإِبْدَاعِ
الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، أَنْقُلُهُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ إِلَى بَطْنِ أُمِّهِ
مَسْرُوْرًا. أَمْلاَءُ بِهِ الْكَوْنَ نُوْرًا. وَأَكْفُلُهُ يَتِيْمًا. وَأُطَهِّرُهُ
وَأَهْلَ بَيْتِهِ تَطْهِيْرًا.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَاهْتَزَّ الْعَرْشُ طَرَبًا وَاسْتِبْشَارًا. وَازْدَادَ الْكُرْسِيُّ
هَيْبَةً وَوَقَارًا. وَامْتَلَأَتِ السَّمَوَاتُ أَنْوَارًا، وَضَجَّتِ الْمَلاَئِكَةُ
تَهْلِيْلًا وَتَمْجِيْدًا وَاسْتِغْفَارًا. (سُبْحَانَ الله وَالْحَمْدُ ِللهِ وَلاَ
إِلهَ إِلاَّ اللهُ وَاللهُ أَكْبَرْ 3). وَلَمْ تَزَلْ أُمُّهُ تَرَى أَنْوَاعًا مِنْ
فَخْرِهِ وَفَضْلِهِ، إِلَى نِهَايَةِ تَمَامِ حَمْلِهِ. فَلَمَّا اشْتَدَّ بِهَا
الطَّلْقُ بِإِذْنِ رَبِّ الْخَلْقِ. وَضَعَتِ الْحَبِيْبَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ سَاجِدًا شَاكِرًا حَامِدًا كَأَنَّهُ الْبَدْرُ فِيْ تَمَامِهِ. (مَحَلُّ
اْلقِيَامِ).
وَوُلِدَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَخْتُوْنًا بِيَدِ الْعِنَايَةِ.
مَكْحُوْلاً بِكُحْلِ الْهِدَايَةِ. فَأَشْرَقَ بِبَهَائِهِ الْفَضَا. وَتَلَأْلَأَ
الْكَوْنُ مِنْ نُوْرِهِ وَأَضَا. وَدَخَلِ فِيْ عَقْدِ بَيْعَتِهِ مَنْ بَقِيَ مِنَ
الْخَلاَئِقِ كَمَا دَخَلَ فِيْهَا مَنْ مَّضَى. أَوَّلُ فَضِيْلَةِ الْمُعْجِزَاتِ،
بِخُمُوْدِ نَارِ فَارِسَ، وَسُقُوْطِ الشُّرُفَاتِ، وَرُمِيَتِ الشَّيَاطِيْنُ مِنَ
السَّمَاءِ بِالشُّهُبِ الْمُحْرِقَاتِ، وَرَجَعَ كُلُّ جَبَّارٍ مِنَ الْجِنِّ وَهُوَ
بِصَوْلَةِ سُلْطَنَتِِهِ ذَلِيْلٌ خَاضِعٌ. لَمَّا تَأَلَّقَ مِنْ سَنَاهُ النُّوْرُ
السَّاطِعُ وَأَشْرَقَ مِنْ بَهَائِهِ الضِّيَاءُ اللاَّمِعُ، حَتَّى عُرِضَ عَلَى
الْمَرَاضِعِ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
قِيْلَ مَنْ يَّكْفُلُ هَذِهِ الدُّرَّةَ الْيَتِيْمَةَ، اَلَّتِيْ
لاَ تُوْجَدُ لَهَا قِيْمَةٌ. قَالَتِ الطُّيُوْرُ نَحْنُ نَكْفُلُهُ وَنَغْتَنِمُ
هِمَّتَهُ الْعَظِيْمَةَ. قَالَتِ الْوُحُوْشُ نَحْنُ أَوْلَى بِذَلِكَ لِكَيْ نَنَالَ
شَرَفَهُ وَتَعْظِيْمَهُ. قِيْلَ يَا مَعْشَرَ الْأُمَمِ اسْكُنُوْا فَإِنَّ اللهَ
قَدْ حَكَمَ فِيْ سَابِقِ حِكْمَتِهِ الْقَدِيْمَةِ، بِأَنَّ نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَكُوْنُ رَضِيْعًا لِحَلِيْمَةَ الْحَلِيْمَةِ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهُ مَرَاضِعُ الْإِنْسِ لِمَا سَبَقَ فِيْ طَيِّ
الْغَيْبِ، مِنَ السَّعَادَةِ لِحَلِيْمَةَ بِنْتِ أَبِيْ ذُؤَيْبٍ. فَلَمَّا وَقَعَ
نَظَرَهَا عَلَيْهِ، بَادَرَتْ مُسْرِعَةً إِلَيْهِ، وَوَضَعَتْهُ فِيْ حِجْرِهَا،
وَضَمَّتْهُ إِلَى صَدْرِهَا، فَهَشَّ لَهَا مُتَبَسِّمًا. فَخَرَجَ مِنْ ثَغْرِهِ
نُوْرٌ لَّحِقَ بِالسَّمَا، فَحَمَلَتْهُ إِلَى رَحْلِهَا، وَارْتَحَلَتْ بِهِ إِلَى
أَهْلِهَا. فَلَمَّا وَصَلَتْ بِهِ إِلَى مَقَامِهَا، عَايَنَتْ بَرَكَتُهُ عَلَى
أَغْنَامِهَا. وَكَانَتْ كُلَّ يَوْمٍ تَرَى مِنْهُ بُرْهَانًا، وَتَرْفَعُ لَهُ قَدْرًا
وَشَانًا. حَتَّى انْدَرَجَ فِيْ حُلَّةِ اللُّطْفِ وَالْأَمَانِ، وَدَخَلَ بَيْنَ
إِخْوَتِهِ مَعَ الصِّبْيَانِ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَبَيْنَمَا هُوَ ذَاتَ يَوْمٍ نَاءٍ عَنِ الْأَوْطَانِ، إِذْ أَقْبَلَ
عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ نَفَرٍ، كَأَنَّ وُجُوْهَهُمُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ. فَانْطَلَقَ
الصِّبْيَانُ هَرَبًا، وَوَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُتَعَجِّبًا.
فَأَضْجَعُوْهُ عَلَى الْأَرْضِ إِضْجَاعًُا خَفِيْفًا، وَشَقُّوْا بَطْنَهُ شَقًّا
لَطِيْفًا. ثُمَّ أَخْرَجُوْا قَلْبَ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ، وَشَرَّحُوْهُ بِسِكِّيْنِ
الْإِحْسَانِ. وَنَزَّعُوْا مِنْهُ حَظَّ الشَّيْطَانِ، وَمَلَؤُهُ بِالْحِلْمِ وَالْعِلْمِ
وَالْيَقِيْنِ وَالرِّضْوَانِ. وَأَعَادُوْهُ إِلَى مَكَانِهِِ فَقَامَ الْحَبِيْبُ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهَ وَسَلَّمَ سَوِيًّا كَمَا كَانَ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَاحَبِيْبَ الرَّحْمنِ لَوْ عَلِمْتَ مَا
يُرَادُ بِكَ مِنَ الْخَيْرِ، لَعَرَفْتَ قَدْرَ مَنْزِلَتِكَ عَلَى الْغَيْرِ، وَازْدَدْتَ
فَرَحًا وَسُرُرًا، وَبَهْجَةً وَنُوْرًا. يَا مُحَمَّدُ أَبْشِرْ فَقَدْ نُشِرَتْ
فِي الْكَائِنَاتِ أَعْلاَمُ عُلُوْمِكَ، وَتَبَاشَرَتِ الْمَخْلُوْقَاتُ بِقُدُوْمِكَ،
وَلَمْ يَبْقَ شَيْئٌ مِمَّا خَلَقَ اللهُ تَعَالَى إِلاَّ جَاءَ لِأَمْرِكَ طَائِعًا،
وَلِمَقَامِكَ سَامِعًا. فَسَيَأْتِيْكَ الْبَعِيْرُ بِذِمَامِكَ يَسْتَجِيْرُ، وَالضَّبُّ
وَالْغَزَالَةُ يَشْهَدَانِ لَكَ بِالرِّسَالَةِ. وَالشَّجَرُ وَالْقَمَرُ وَالذِّيْبُ
يَنْطِقُوْنَ بِنُبُوَّتِكَ عَنْ قَرِيْبٍ. وَمَرْكَبُكَ الْبُرَاقُ، إِلَى جَمَالِكَ
مُشْتَاقٌ، وَجِبْرِيْلُ شَاوُوْشُ مَمْلَكَتِكَ قَدْ أَعْلَنَ بِذِكْرِكَ فِي الْأَفَاقِ،
وَالْقَمَرُ مَأْمُوْرٌ لَكَ بِالْإِنْشِقَاقِ. وَكُلُّ مَنْ فِي الْكَوْنِ مُتَشَوِّقٌ
لِظُهُوْرِكَ مُنْتَظِرٌ لِإِشْرَاقِ نُوْرِكَ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَبَيْنَمَا الْحَبِيْبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُنْصِتٌ لِسَمَاعِ
تِلْكَ الْأَشْبَاحِ، وَوَجْهُهُ مُتَهَلِّلٌ كَنُوْرِ الصَّبَاحِ، إِذْ أَقْبَلَتْ
حَلِيْمَةُ مُعْلِنَةً باِلصِّيَاحِ. تَقُوْلُ وَاغَرِيْبَاهُ، فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ
يَا مُحَمَّدُ مَا أَنْتَ بِغَرِيْبٍ، بَلْ أَنْتَ مِنَ اللهِ قَرِيْبٌ، وَأَنْتَ
لَهُ صَفِيٌّ وَحَبِيْبٌ. قَالَتْ حَلِيْمَةُ وَوَاحِدَاهُ، فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ
يَا مُحَمَّدُ مَا أَنْتَ بِوَحِيْدٍ، بَلْ أَنْتَ صَاحِبُ التَّأْيِيْدِ، وَأَنِيْسُكَ
الْحَمِيْدُ الْمَجِيْدُ، وَإِخْوَانُكَ إِخْوَانُكَ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ وَأَهْلِ
التَّوْحِيْدِ. قَالَتْ حَلِيْمَةُ وَايَتِيْمَاهُ. فَقَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ ِللهِ
دَرُّكَ مِنْ يَتِيْمٍ، فَإِنَّ قَدْرَكَ عِنْدَ اللهِ عَظِيْمٌ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
فَلَمَّا رَأَتْهُ حَلِيْمَةُ سَالِمًا مِنَ الْأَهْوَالِ، رَجَعَتْ
بِهِ مَسْرُوْرَةً إِلَى اْلأَطْلاَلِ. ثُمَّ قَصَّتْ خَبَرَهُ عَلَى بَعْضِ الْكُهَّانِ،
وَأَعَادَتْ عَلَيْهِ مَا تَمَّ مِنْ أَمْرِهِ وَمَا كَانَ. فَقَالَ لَهُ الْكَاهِنُ
: يَا ابْنَ زَمْزَمَ وَالْمَقَامِ، وَالرُّكْنِ وَالْبَيْتِ الْحَرَامِ، أَفِي الْيَقْظَةِ
رَأَيْتَ هَذَا أَمْ فِي الْمَنَامِ. فَقَالَ وَحُرْمَةِ الْمَلِكِ الْعَلاَّمِ، شَاهَدْتُهُمْ
كِفَاحًا لاَ أَشُكُّ فِيْ ذَلِكَ وَلاَ أُضَامُ. فَقَالَ لَهُ الْكَاهِنُ، أَبْشِرْ
أَيُّهَا الْغُلاَمُ، فَأَنْتَ صَاحِبُ الْأَعْلاَمِ، وَنُبُوَّتُكَ لِلْأَنْبِيَاءِ
قُفْلٌ وَخِتَامٌ، عَلَيْكَ يَنْزِلُ جِبْرِيْلُ، وَعَلَى بِسَاطِ الْقُدْسِ يُخَاطِبُكَ
الْجَلِيْلُ. وَمَنْ ذَا الَّذِيْ يَحْصُرُ مَا حَوَيْتَ مِنَ التَّفْضِيْلِ، وَعَنْ
بَعْضِ وَصْفِ مَعْنَاكَ يَقْصُرُ لِسَانُ الْمَادِحِ الْمُطِيْلِ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
وَكَانَ صَلىَّ اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ خَلْقًا
وَخُلُقًا، وَأَهْدَاهُمْ إِلَى الْحَقِّ طُرُقًا. كَانَ خُلُقُهُ الْقُرْأَنُ، وَشِيْمَتُهُ
الْغُفْرَانُ، يَنْصَحُ لِلْإِنْسَانِ، وَيَفْسَحُ فِي الْإِحْسَانِ. وَيَعْفُوْ عَنِ
الذَّنْبِ إِذَا كَانَ فِيْ حَقِّهِ وَسَبَبِهِ، وَإِذَا ضُيِّعَ حَقُّ اللهِ لَمْ
يَقُمْ أَحَدٌ لِغَضَبِهِ. مَنْ رَأَهُ بَدِيْهَةً هَابَهُ، وَإِذَا دَعَاهُ الْمِسْكِيْنُ
أَجَابَهُ. يَقُوْلُ الْحَقَّ وَلَوْكَانَ مُرًّا، وَلاَ يُضْمِرُ لِمُسْلِمٍ غِشًّا
وَلاَ ضُرًّا. مَنْ نَظَرَ فِيْ وَجْهِهِ، عَلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ بِوَجْهِ كَذَّابٍ،
وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيْسَ بِغَمَّازٍ وَلاَ عَيَّابٍ. إِذَا
سُرَّا فَكَأَنَّ وَجْهَهُ قِطْعَةُ قَمَرٍ، وَإِذَا كَلَّمَ النَّاسَ فَكَأَنَّمَا
يَجْنُوْنَ مِنْ كَلاَمِهِ أَحْلَى ثَمَرٍ. وَإِذَا تَبَسَّمَ تَبَسَّمَ عَنْ مِثْلِ
حَبِّ الْغَمَامِ، وَإِذَا تَكَلَّمَ فَكَأَنَّمَا الدُّرُّ يَسْقُطُ مِنْ ذَلِكَ
الْكَلاَمِ. وَإِذَا تَحَدَّثَ فَكَأَنَّ الْمِسْكَ يَخْرُجُ مِنْ فِيْهِِ، وَإِذَا
مَرَّ بِطَرِيْقٍ عُرِفَ مِنْ طِيْبِهُ أَنَّهُ قَدْ مَرَّ فِيْهِ. وَإِذَا جَلَسَ
فِيْ مَجْلِسٍ بَقِيَ طِيْبُهُ فِيْهِ أَيَّامًا وَإِنْ تَغَيَّبَ. وَيُوْجَدُ مِنْهُ
أَحْسَنُ طِيْبٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَدْ تَطَيَّبَ. وَإِذَا مَشَى بَيْنَ أَصْحَابِهِ
فَكَأَنَّهُ الْقَمَرُ بَيْنَ النُّجُوْمِ الزُّهْرِ، وَإِذَا أَقْبَلَ لَيْلاً فَكَأَنَّ
النَّاسَ مِنْ نُوْرِهِ فِيْ أَوَانِ الظُّهْرِ. وَكَانَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
أَجْوَدَ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيْحِ الْمُرْسَلَةِ، وَكَانَ يَرْفُقُ بِالْيَتِيْمِ
وَالْأَرْمَلَةِ. قَالَ بَعْضُ وَاصِفِيْهِ مَا رَأَيْتُ مِنْ ذِيْ لِمَّةٍ سَوْدَاءَ،
فِيْ حُلَّةٍ حَمْرَاءَ، أَحْسَنَ مِنْ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
وَقِيْلَ لِبَعْضِهِمْ كَأَنَّ وَجْهَهُ الْقَمَرُ، فَقَالَ بَلْ أَضْوَءُ
مِنَ الْقَمَرِ إِذَا لَمْ يَحُلْ دُوْنَهُ الْغَمَامُ، قَدْ غَشِيَهُ الْجَلَالُ،
وَانْتَهَى إِلَيْهِ الْكَمَالُ. قَالَ بَعْضُ وَاصِفِيْهِ مَا رَأَيْتُ قَبْلَهُ
وَلاَ بَعْدَهُ مِثْلَهُ، فَيُعْجِزَُ لِسَانُ الْبَلِيْغِ إِذَا أَرَادَ أَنْ يُحْصِيَ
فَضْلَهُ. فَسُبْحَانَ مَنْ خَصَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْمَحَلِّ
الْأَسْنَى، وَأَسْرَى بِهِ إِلَى قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، وَأَيَّدَهُ بِالْمُعْجِزَاتِ
الَّتِيْ لاَ تُحْصَى. وَأَوْفَاهُ مِنْ خِصَالِ الْكَمَالِ مَا يَجِلُّ أَنْ يُسْتَقْصَى،
وَأَعْطَاهُ خَمْسًا لَمْ يُعْطِهِنَّ أَحَدًا قَبْلَهُ. وَأَتَاهُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ،
فَلَمْ يُدْرِكْ أَحَدٌ فَضْلَهُ، وَكَانَ لَهُ فِيْ كُلِّ مَقَامٍ عِنْدَهُ مَقَالٌ،
وَلِكُلِّ كَمَالٍ مِنْهُ كَمَالٌ. لاَ يَحُوْرُ فِيْ سُؤَالٍ وَلاَ جَوَابٍ، وَلاَ
يَجُوْلُ لِسَانُهُ إِلاَّ فِيْ صَوَابٍ.
(اللهم صل وسلم وبارك عليه)
وَمَا عَسَى أَنْ يُقَالَ فِيْمَنْ وَصَفَهُ الْقُرْأَنُ، وَأَعْرَِبَ
عَنْ فَضَائِلِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيْلُ وَالزَّبُوْرُ وَالْفُرْقَانُ. وَجَمَعَ
اللهُ لَهُ بَيْنَ رُؤْيَتِهِ وَكَلاَمِهِ، وَقَرَنَ اسْمُهُ مَعَ اسْمِهِ تَنْبِيْهًا
عَلَى عُلُوِّ مَقَامَتِهِ. وَجَعَلَهُ رَحْمَةً لِلْعَالَمِيْنَ وَنُوْرًا. وَمَلَأَ
بِمَوْلِدِهِ الْقُلُوْبَ سُرُوْرًا.
بسم الله الرحمن الرحيم
اَلْحَمْدُ ِللهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ. اَللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ
عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى أَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِيْن. جَعَلَنَا
اللهُ وَإِيَّاكُمْ مِمَّنْ يَسْتَوْجِبُ شَفَاعَتَهُ، وَيَرْجُوْ رَحْمَتَهُ وَرَأْفَتَهُ.
أَللَّهُمَّ بِحُرْمَةِ هَذَا النَّبِيِّ الْكَرِيْمِ، وَأَلِهِ وَأَصْحَابِهِ السَّالِكِيْنَ
عَلَى مَنْهَجِهِ الْقَوِيْمِ. إِجْعَلْنَا مِنْ خِيَارِ أُمَّتِهِ، وَاسْتُرْنَا
بِذَيْلِ حُرْمَتِهِ، وَاحْشُرْنَا غَدًا فِيْ زُمْرَتِِهِ، وَاسْتَعْمِلْ أَلْسِنَتَنَا
فِيْ مَدْحِهِ وَنُصْرَتِهِ، وَأَحْيِنَا مُتََمَسِّكِيْنَ بِسُنَّتِِهِ وَطَاعَتِهِ،
وَأَمِتْنَا عَلَى حُبِّهِ وَجَمَاعَتِهِ. أَللَّهُمَّ أَدْخِلْنَا مَعَهُ الْجَنَّةَ
فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَنْ يَدْخُلُهَا. وَأَنْزِلْنَا مَعَهُ فِيْ قُصُوْرِهَا، فَإِنَّهُ
أَوَّلُ مَنْ يَنْزِلُهَا، وَارْحَمْنَا يَوْمَ يَشْفَعُ لِلْخَلاَئِقِ فَتَرْحَمُهَا.
أَللَّهُمَّ ارْزُقْنَا زِيَارَتَهُ فِيْ كُلِّ سَنَةٍ، وَلاَ تَجْعَلْنَا مَعَ الْغَافِلِيْنَ
عَنْكَ وَلاَ عَنْهُ قَدْرَ سِنَةٍ. أَللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ فِيْ مَجْلِسِنَا هَذَا
أَحَدًا إِلاَّ غَسَلْتَ بِمَاءِ التَّوْبَةِ ذُنُوْبَهُ وَسَتَرْتَ بِرِدَاءِ الْمَغْفِرَةِ
عُيُوْبَهُ. اَللَّهُمَّ إِنَّهُ كَانَ مَعَنَا فِي السَّنَةَِ الْمَاضِيَةِ إِخْوَانٌ
مَنَعَهُمُ اْلقَضَاءُ عَنِ الْوُصُوْلِ إِلَى مِثْلِهَا، فَلاَ تَحْرِمْهُمْ مِنْ
ثَوَابِ هَذِهِ السَّاعَةِ وَفَضْلِهَا. اَللَّهُمَّ ارْحَمْنَا إِذَا صِرْنَا مِنْ
أَصْحَابِ الْقُبُوْرِ، وَوَفِّقْنَا لِعَمَلٍ صَالِحٍ يَبْقَى سَنَاهُ عَلَى مَمَرِّ
الدُّهُوْرِ. اَللَّهُمَّ اجْعَلْنَا لِأَلَائِكَ ذَاكِرِيْنَ، وَلِنَعْمَائِكَ شَاكِرِيْنَ،
وَلِيَوْمِ لِقَائِكَ مِنَ الذَّاكِرِيْنَ. وَأَحْيِنَا بطَاعَتِكَ مَشْغُوْلِيْنَ،
وَإِذَا تَوَفَّيْتَنَا فَتَوَفَّنَا غَيْرَ مَفْتٌُوْنِيْنَ وَلاَ مَخْذُوْلِيْنَ،
وَاخْتِمْ لَنَا مِنْكَ بِخَيْرٍ أَجْمَعِيْنَ. اَللَّهُمَّ اكْفِنَا شَرَّ الظَّالِمِيْنَ،
وَاجْعَلْنَا مِنْ فِتْنَةِ هَذِهِ الدُّنْيَا سَالِمِيْنَ. اَللَّهُمَّ اجْعَلْ هَذَا
الرَّسُوْلَ الْكَرِيْمَ لَنَا شَفِيْعًا، وَارْزُقْنَا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
مَقَامًا رَفِيْعًا. اَللَّهُمَّ اسْقِنَا مِنْ حَوْضِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَرْبَةً هَنِيْئَةً لاَ نَظْمَأُ بَعْدَهَا أَبَدًا، وَاحْشُرْنَا
تَحْتَ لِوَائِهِ غَدًا. اَللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا بِهِ وَلِأَبَائِنَا وَلِأُمَّهَاتِنَا،
وَلِمَشَايِخِنَا وَلِمُعَلِّمِيْنَا، وَذَوِي الْحُقُوْقِ عَلَيْنَا، وَلِمَنْ أَجْرَى
هَذَا الْخَيْرَ فِيْ هَذِهِ السَّاعَةِ، وَلِجَمِيْعِ الْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ،
وَالْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ، اَلْأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ، إِنَّكَ
مُجِيْبُ الدَّعَوَاتِ، وَقَاضِيَ الْحَاجَاتِ، وَغَافِرُ الذُّنُوْبِ وَالْخَطِيْئَاتِ،
يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِيْنَ. وَصَلَّى اللهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى
أَلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُوْنَ.
وَسَلاَمٌ عَلَى الْمُرْسَلِيْنَ. وَالْحَمْدُ ِللهِ رَبِّ الْعَالَمِيْنَ. أمين.
izin ngopi ya gan
ReplyDeleteOyi.... monggo pun..... ^^
ReplyDeleteIjin Copy bang
ReplyDeletemonggo, disemanggaaken.... :)
Deleteminta izin copy Bib. ditunggu Simtudduror-nya
ReplyDeletetafadhol ya syeikh... biidznihi, insyaAllah, kitabatul maulid "simtudduror" allati tholabtum, satadhar fii waqtin qoriib ... :)
DeleteTulisannya sangat bermanfaat Gan.. Izin copas ya biar tambah bermanfaat
ReplyDeleteDisemanggaaken.... semoga berkah, :)
Deleteizin copy ya gan
ReplyDeleteToreh lah .... ^^
Deleteizin copy y gan
ReplyDelete:) monggo,,,
ReplyDeleteizin copy mas bro. bermanfaat sekali.
Deletebarakallah maturnuwun ... :)
izin ngopi ya pak...
ReplyDeleteocchee.... ^^
Deleteizin copy kang nggeh... suwun
ReplyDeleteOyi,,, :)
Deleteizin copy kang nggeh... suwun
ReplyDeleteOyi.,.... )
Deleteizin ngopi geh gus....
ReplyDeleteOyi... disemanggaaken...
DeleteIzin Copy Bos
ReplyDeleteYupsz..... monjoss... :)
DeleteIzin copas beb. manfaat insyaallah =D
ReplyDeletetafadhol, lau samah... :)
ReplyDeletemakasih gan.. keren.. :) ane mau ngetik gk telaten..
ReplyDeletesama2...
Delete"خذ المكتوب, "الكتابة بدون الحبر
mohon copy. Terima kasih
ReplyDeleteMangga .....
Deleteizin ngopy
ReplyDeleteتفضلى
Deleteizin copy mas
ReplyDeleteشكرا علي هذا الكتابة
ReplyDeleteلا شكر على الواجب
Delete